حَيّاكَ اللهُ أبا محمّـد .. وأشكُركَ على هِمّتِكَ العليّةِ ، واهتِمامكَ
الدّؤوب ، واصراركَ على احياءِ "مُنتدياتِ ديرأبان"- ببِدايةٍ طيّبَةٍ،
وموضوعٍ أصيل ، كسجنِ الخواطر .. الذي قضى عصراً زاهِيــــاً ،
تسابقتْ فيهِ الرُّؤى ، وتنافستْ فيهِ الأفهامُ .. وتجلّتْ في معانيــــهِ
الهِدايَةُ والدّرايَة..وتتالتْ في جوانبِهِ الصُّور،وهاجتْ منْ ايحاءاتِهِ
الذّكريات - وانْ كانت المنتدياتُ لازالت حيّةً نشِطةً ، والحمـــدُ للهِ،
واقفةً على قَدَميْها ،فارعةَ القامةِ ،مشرئبَّةَ العُنُق ، تستقبلُ الزُّوارَ
والباحِثينَ ، الذينَ يتعطَّشونَ لأرواءِ ظمَئِهمْ، واشباعِ نَهَمِهــمْ منْ
مَنابِعِها الفيّاضةِ بالثقافـةِ والعِلـمِ والأدبِ والأخـلاق ،واستظلالِهــمْ
بمعروشاتِها النّديّةِ،وذخائِرها القيّمةِ،التي لا يُشْبَعُ منَ العبِّ منهـا،
والتَّزوُّدِ بفرائِدِها النّفيسةِ التي عزَّ مثلُها .. تبهرُ العُيـونَ ، وتُحيي
الخواطـر.. وكأنَّ الأستاذ الدكتور أبا خلدون ،لمْ يطَّلـعْ على قانـونِ
"السجنِ" ومجرَياتهِ ،وما يتطلّبُهُ من كتابةِ مواضيعَ نثرية حيويّة،
فيها العلمُ والثقافةُ والدِّيـنُ ، وربّما القصَص المُعبّرةُ ، التي تُضفي
على الأفهامِ ما يُؤخـذُ بها ، ويُتَّعظُ بأحداثِـها .. فاستعاضَ بالشعــرِ
النَّبَطيَّ، الذي شعَّ وهْجُـهُ ،وسَطعَ ضوؤهُ ، فأنارَ الدربَ ،وانطلقـتْ
معانيهِ ، التي حرّكَتِ المشاعرَ ، وأفرحتِ القلوبَ .. فاقتفيـتُ أثَرَهُ،
وخضتُّ التجربةَ الأولى منْ هذا الشّعرالجديد..ولا أدري فلعلَّ سجنَ
الخواطرِ قد رحّبَ بنا ، ورضِيَ عنّا - بعدَ أنْ غفرَ لنا انزواءنا عنهُ،
وسهوَنا عنْ مواضيعِهِ - كفاتحــةٍ لِما سنهديــهِ في قابل الأيّامِ منْ
منْ مواضيعَ تملأُ عليهِ أركانَهُ ، وتُضيءُ جوانبَ نفسِهِ .. ليُحـرِّرَنا
من قُيودِهِ .. وليأتيَ بعدنا منْ يواصِلُ المُهمّةَ .. ومَنْ بعدهمْ كذلكَ،
وليستَمِرَّ الرّكبُ ،وتتواصَلُ المسيرةُ،دونَ توقُّفٍ أو تلكُّؤٍ أو نهاية..
لتعمَّ الفائدةُ ، ويُزهرَ الزرعُ ، ويُجنىَ الثَّمـَر .