قصيدتي الى : أ.د جودت أحمد المسـاعيد ..

[ابراهيم سعاده]

قصيدتي الى: أ.د جودت أحمد المسـاعيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
ابراهيم سعاده
ـــــــــــــــــــــــــــ

1 ) غيـْثٌ عَميـــمٌ في مَرابِعِنـــا هَمَــــى
يسقي الزُّروعَ ،وكُلَّ أشـجار الحِمى

2 ) سـُحُــبٌ تَتابـــعَ دَرُّهـــا وتَفتَّحَــــتْ
أكْمــامُ وردٍ في مَطالِعِــهِ سَـــــــــما

3 ) الحمــدُ للرحمـنِ جلَّ جَلالُـــــــــــــهُ
مَنَحَ الرِّضى، وَهَبَ الذَّكاءَ فأنعَمـــــا

4) هذا ابنُ أحمَـــدَ في الحَيـاةِ مُبــاركٌ
نَشـا على الدَّيـــنِ القَويـمِ مُتَيَّمـــا

5) وَشَـبا كَما الغِلمـانِ يكبُرُ حِلمُــــــــــهُ
وَغدا مَشــوقاً للمَدارسِ مُفعَمـــــــا (1)

6) سَـلكَ الدُّروبَ وفي الأزاهــرِ عمْــرُهُ
يبغي التَّعَلـُّـمَ راضِيــا مُتَبَسِّــــــــــما

7) فكانَ في البـَدءِ الحَميـــدِ مُبارَكــــــاً
وفي "الشُّـــونةِ" الغَرّاءِ يحلُمُ بالنَّمـا

8) واجتازَ صدراً من مَراحِـــلِ عِلمِــــهِ
يزهو على الأقــرانِ نجماً أقهَمــا

9) وَرَقى الى الأعلـــى وكان مُصمِّمـاً
قَهْـرَ المَصاعـِبِ والمَتاعِبِ والعَنـــا (4)

* * *
10) والى "الكِنانـةِ" قد هفــا لا ينثَنـــــي
يبغـي علـومَ الجامِعــاتِ تَعلُّمــــــــــا

11) "اسـكندريَّةُ" رَحَّبتْ في ضَيْفِهـــــــــا
شـِبْلاً عزيــزاً للبِــلادِ مُيَمِّمــــــــــا

12) أمْضى سِـنيناً أربَعاً في حِضْنِـهــــــا
وعادَ مسـروراً ويحمِــلُ سـُـلَّمــــــا (5)

13) فَخَــرَتْ بهِ الأردُنُّ نجـمَ شـــــبابِهـا
والجدوَلُ الرَّقـراقُ يجـري مُفعَمـــــــا

14) زَهتْ بهِ الأرواحُ بعدَ روائِهـــــــــا
حَمَدتْ بِهِ الأعلــى كَريماً مُنعِمــــــــا

15) حفلـتْ بهِ والدّارُ تطلُبُ قِرمَهـــــــا
ليَفيـــدَ بالتدريــسِ حُــرّاً أكرَمـــــــــا

16) فَبَدا يُعلِّـمُ في الصُّفـــوفِ مُواظِبـــــاً
فاقَ الأوائِـلَ في العطـــاءِ مُتَمِّمـــــــا

17) شَـهِدتْ لهُ البُلــدانُ خيْرَ فِعالِـــــــــهِ
أثنـى عليْهِ القائِمـــــــــونَ وكُلُّ مــا (6)

* * *
18) فَأنــتَ أنــتَ أيا بنَ أحمــدَ عالِــــــمٌ
للعِلــمِ تســبِقُ في ذكائــكَ مُلهَمـــــــــأ

19) وَلجـتَ أبوابــاً لجامعـةِ الهُـــــــدى
"عمّانُ" تحضُنُهـــا مَنـاراً مَعلَمـــــا

20) فكنتَ كالقَمَـرِ المُنيــرِ صَباحَــــــــةً
بينَ النُّجــومِ ســماحةً وتَكلُّمـــــــــــا

21) وطفقــتَ تغـرِفُ لا تكِنُّ وتـــتكي
حتى حصلتَ على الشّـــهادةِ مُكْرَمــــا

22) "ماجستيرُ"يشـهدُ بالبراعـةِ والذكا
ويُنيرُ درباً للوصـــولِ الى السَّمـا (7)

23) وشاعَ علمُكَ لا تَصــولُ وتَدَّعـــــي
وتهافتَ الأقــرانُ منكَ تعلُّمـــــــا

* * *
24) وحملْتَ عِلمَكَ للرِّيــاضِ يُنيرُهــــا
ودخلـتَ جامعةَ الســُّعودِ مُعَلِّمــــــــــا

25) وقَضيْتَ بِضعــاً منْ سـنيِّكَ جاهِــدا
ووضَعتَ أركانَ المناهِـجِ مُحكَمــا (8)

* * *
26) وشَـرعتَ في الترحالِ يحدوكَ الهَوى(9)
ووطئْتَ "كَنساساً" نشيطـاً أحزَما

27) وسـكنتَ في الحيِّ الأميــنِ مُيَسَّــــــراً
وغدوتَ للأصحابِ خِلاًّ أكرَمــــــــــا

28) فَرَجٌ منَ الربِّ الكريــمِ ، هَديَّــــــةً (10)
هَبَطتْ على القلــبِ الكبيــــر تَنَسُّــــما

29) نَدىً تســـاقطَ قطــــرُهُ في دَلَّـــــــةٍ(11)
يمحو الهُمـــومَ وكلَّ أدرانِ الحِمـــــى

30) عهْـداً منَ "اليَرمــوكِ" جامعــةِ النَّدى
عوْناً ترَسَّــخَ في الصَّحيفةِ مُبْرَمـــــــا

31) يقضي الحوائــــجَ كُلَّها في "بِعثَــــةٍ"
وَيَظـــلُّ عقـــداً للدُّروسِ مُقـدَّمــــــــا

* * *
32) وبدأتَ في "كنســاسَ" ترشُفُ عِلمَها
فذّاً ذكيَّــاً للعُلـــومِ مُترجِمـــــــــــا

33) وبرزتَ في الأعـدادِ رائِدُكَ الهُــــدى
وكنتَ في التخطيــطِ عقــلاً مُلهَمـــــا

34) ونِلـتَ عُجـْبَ العالِميــــنَ وفخرَهُــمْ
وصِرتَ تُضْفــي للعلومِ معالِمـــــــــا

35) كمْ كانَ عِشــْقُكَ للتَّفوِّقِ جامِحـــــــاً
رغمَ الصِّعـابِ ورُغـمَ أنواءِ السَّما (12)

36) كوفِئتَ بالأطــراءِ والعِطـــــرِ الذي
يُهـدى الى الأفذاذِ عبْقــاً مُفعَمــــــــا

37) وختمتَ درســَكَ في فَخـــارٍ مُفـرحٍ
وضاءَ فجـرُكَ في الحيــاةِ تَرَسـُّمـا

* * *
38) ورجعتَ للأردُنَ دكتــورَ الوَفــــــــا
وعُدتَّ لليرموكِ قرمـاً أعلَمــــــــــا

39) وشرعتَ في التدريسِ تحمـلُ ثِقلَـهُ
وجَهدتَّ في التلقيـنِ ، حرّاً أحزَمـا

40) وَحَللـتَ في الدّرَجــاتِ يكثُرُ عَدُّهــا
وصَعدتَّ للأعلـى وكنتَ الأحلَمـــــا

41) وفزتَ بالألقــابِ يكسوكَ السَّنــــــىَ
وحاطكَ التكريــمُ نجمــاً أعظمــــا

42) وشـاعَ علمُكَ في الدِّيار وما خَبــــا
روّى العطاشى ســائِغاً مُتَنَعَّمــــــــا

43) وبدأتَ تصبـــو للكتابــةِ تبتَغــــــــي
عِلماً أصيـــلاً في الخزائــنِ معلَمــــــا

44) ألَّفـتَ كُتبــــاً في صفائِحِهــــا هُــدىً
في الذهـنِ تقطُــرُ في العقول البلسَما

45) " خمسـونَ" منها قد صَففنَ تناسُقــاً
يُرسـلْنَ نوراً ، كالكواكِبِ في السَّمــا

46) يجلبْنَ أشـواقَ السُّــعاةِ لِعلمِهــــــــمْ
ويَذرنَ أبواقَ الجَهالـةِ والعَمــــىَ (13)

47) وقمتَ بالأبحــاثِ تسـبُرُ غوْرَهــــــا
تَضفي على العلـمٍ الأصيــلِ تعلُّمــــــا

48) وتزيدُ منْ فهمِ الفَهيـمِ فَهامَــــــــــةً
تجلو الغُبـارَ عنِ العُقــولِ وترسُمــا

49) هذي البُحوثُ صُـوىً وفيها عبْـــرةٌ
للدربِ تهـدي للخلائِــــقِ أنعُمـــــــا

50) مئةٌ منَ الأبحـاثِ آتتْ أكلَهــــــــــــا
والنَّـيِّفُ الأخــرى تَرودُ مَعالِمــــــــا

* * *
51) وجئــتَ جامعـــةً لمســقطَ عالِمـــــاً
وغدوتَ قِرماً للمناهِــجِ مُفعَمـــــــــا

52) "قابــوسُ" جامعةٌ ثَريْتَ علومَهـــا
أصبحتَ في التدريسِ نجمـاً مُلهَمــا

53) عشْرٌ منَ السَّــنواتِ في أحضانِهـــا
وتركتَ بصمـاتٍ تُخلِّــدُ أنجُمــــا

* * *
54) وتلكَ جامعـــةُ النجـــاحِ وَلجتَهــــــا
عَلَمــاً خبيــراً للتـــزوُّدِ مَنْجَمـــــا

55) طــوَّرتَ في التعليــــمِ أنتَ خبيـــرُهُ
ورفعــــتَ راياً للتَّفـــــوُّقِ مَعلَـمـا (13)

56) أمضيْــتَ أربَــعَ من سِـنِيِّ دروسِـها
بعدَ انتهـاءِ العقــدِ عقداً مُبْرَمـــــــــــا

57) رحلـــتَ عنــها والأجواءُ كَئيبَـــــــةٌ
والهــودُ تقتُــلُ والقذائِــفُ ترجُمــــــا

58) والعـربُ تنظُــرُ لا تغــارُ وتنتَخـــــي
كأنَّ خدراً في الجُســــومِ مُعَمَّمـــــــــــا

59) يا للعُروبةِ أينَ أســيافُ السَّــما (14)
تأتــي على أعدا الديـارِ وتقصُمــــــــا !!

* * *
60) وعــدتَّ للأردنِّ يغمُـــرُكَ الرِّضـــــــى
وعملتَ في "الأســراء" نجماً أفهَما

61) و"الشرقُ الأوسطُ " في رفيفٍ رايُها
تزهـــو فَخـــاراً بالتقــدمِ والنَّمــــا

62) وغـــدوتَ فيها من أكابِــــرِ عُمْدهــــا
يهواكَ كلُّ الدارســينَ ومنْ سـَــــــما (15)

63) قعدتَّ في عمر الشَّــباب وليتَهــــــــمْ
مَـدّوا حِبالَ الوصــــلِ فيها الأدوَمــــا

* * *
64) كتابُ ذخركَ في "الحصــاد" ذخيــرةٌ
فيهِ الوقائِــعُ والروائــــعُ والنَّمـا

65) يَفيــــضُ معرفـــةً ، يَســيلُ ثقافَــــــةً
فيهِ الكَفــاءُ لمـــنْ أراد تســــــــنُّما (17)

66) المرجــــعُ الموثــوقُ جِـدُّ مَنـــــــارةٍ
تزيلُ أعتــامَ العقـــولِ وترسُـــــــما

67) في الذهـنِ يسكنُ في المشاعر ينتشي
يفيضُ على الحِسِّ الأصيــلِ ترنُّمــــا(18)

68) كمْ كانَ في النفسِ الظميئةِ وقعُـــــــهُ
بعدَ العطاشِ وبعدَ ريٍّ مُنعَمـــــــــــا

69) لكَ التهـــانيَ لا ألـوذُ لغيْرهـــــــــــا
ولكَ التحيّــةُ جهْبَــذاً مُتَكلِّمــا

* * *
70) هذا قصيـــــدي يا ابنَ عمّـي ماثِــلاً
يروي جِهادَكَ في الحيـــاةِ تَعلُّـمـا

71) قد شـابكَ الجهــدُ العنــاءُ وأينعـــتْ
ثَمَــراتُ حِلمِكَ في العَــلاءِ تُحوِّمـــــا

72) انْ كانَ شِعري قد تَغَــوَّلَ في المَدىَ
وجرى غُثــاءً في مَســيلٍ أعجَمــــا (19)

73) فاغفــرْ رعـاكَ اللهُ يا ابنَ ســـعادةٍ
أنتَ الأصيــلُ مَجادةً وتكرُّمـــــــــــا

74) لكَ منْ مُحِـبٍّ صادقٍ يهوى الوَفــا
حُرَّ الدُّعــاءِ بأنْ تدومَ وتنعَمــــــــا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصيـدة من البحر الكامل .. والحمد للهِ ربِّ العالميــــــن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المفردات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
5 ) مفعماً : مشوقٌ جداً ..
7 )السَّما : القمّة .. سقفُ الشيءِ وأعلاه .
8 ) يتزعما: يفخر، أو يكبُر ..
9 ) الغَمـا : الهم والحزن ..
12) سُلَّما : كناية عن الشهادة العلمية ، التي بها يتقدمُ بها ، ويرتفعُ درجات .
13) العمى: الجهل، وعدم المعرفة بالشيء .
17) كلُّ ما : كلُّ مَنْ عرفه ..
22) السَّما : سقفُ الشيءِ وارتفاعُه ..
25) محكَمـا : مُتقَنـاً .
28) تنسما : النسمات الخفيفة المنعشةُ من الريح ..
29) دلَّـة : دلال ..
41) السَّنى : الشرف والرفعة ..
59) أسياف : الجهاد ..
السَّما
62) ومَنْ سما: أصحابُ المراكز العليا كالأساتذةِ وغيرهم .
64) الذَّما : الشجاعةُ وقوة القلب ..
65) تسنُّما : يعلو بتحقيق الشيء بالجهد والتعب ..
72) أعجمـا : لا صوتَ لجريان الماء ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[أ.د. جودت احمد سعادة]

شاعرنا الكبير أبا الفتوح حفظه الله ورعاه وسدد على الدرب خطاه:


لا شك أن هذه القصيدة الغَرّاء في حقي، تمثل في الواقع دَينَاً ثقيلاً


في عُنٌقي من جهة، وشرفاً كبيراً أعتز به فيما تبقى من عمري من


جهةٍ أخرى، وذلك لأن ناظمها هو الأديب الكبير الأستاذ إبراهيم سعادة،


الذي تشهد له المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية والثقافية، كما


تشهد له وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة والمواقع الالكترونية المختلفة،


فصاحة اللغة النثرية الرفيعة لديه، وعذوبة القصائد الشِعرية الطويلة التي


تمثل معلقاتٍ بحد ذاتها. فبارك الله في هذا اللسان العربي الفصيح الذي يُقِرُبه


الكثيرون، وهذا الشِعر الراقي الذي يطرب لموسيقاه كل من يعشق القصائد


العربية الرصينة، وبوركت هذه المشاعر الأخوية النادر وجودها هذه الأيام،


ومنحك الله المزيد من الصحة والعافية وطول العمر، حتى نستمتع بمثل هذه


الجواهر الأدبية المتنوعة من نثرية وشعرية....يا سيد اللغة العربية الأصيلة.


أ.د. جودت أحمد سعادة المساعيد